تعد الأعياد مظهرا من مظاهر الفرح والسرور في الإسلام, وشعيرة من
شعائره التي تنطوي على حكم عظيمة, ومعان جليلة, فالإسلام لم يأت ليكون
طوقا حول رقبة معتنقيه.
بل جاء تلبية لحاجة الإنسان الفطرية مادية وروحية, وكان مقصده الأسمى في
تشريعاته وأحكامه ضبط العلاقة بين الروح والجسد, وبين الدنيا والآخرة,
فقال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77].
ومن مظاهر هذا المقصد الأسنى استحباب الاحتفاء بالأعياد في الإسلام;
ومشروعية الترويح عن النفس من هموم الحياة, فضلا عن أنها احتفال بإتمام
فريضة, فالصائمون يفرحون بالعيد لأدائهم فريضة الصوم, والحجاج يفرحون
لأنهم أدوا شعيرة الحج, ويشاركهم المقيمون في أوطانهم بالتقرب إلى الله
بالأضاحي إحياء لسنة الأنبياء من لدن إبراهيم إلى خاتمهم محمد صلوات الله
عليهم أجمعين, وبذلك سما الإسلام بمعنى العيد وربط فرحته بالتوفيق في
أداء الفرائض وشكر الله على القيام بها.
والغاية العظمى من الأعياد إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالًا
ونساءً وأطفالا, إلا أنها في الوقت ذاته لم تشرع من أجل الفرح المجرد
فقط; بل لتمام البر في المجتمع الإسلامي, حيث يصبح البر قضية اجتماعية
عامة, لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأغنياء بإدخال السرور على الفقراء
في هذه الأيام وتجنيبهم ذل المسألة, فيحث على زكاة الفطر ويقول:
«أغنوهم في هذا اليوم» (سنن الدارقطني).
وفي يوم الأضحى جاءت شعيرة الأضحية أيضا من باب إدخال السرور على الفقراء
في الأعياد, فلم يسنها الإسلام ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم, ولكن
ليتشارك الجميع في الشبع, ولتلتقي قوة الغني وضعف الفقير على عدالة ومحبة
ورحمة من وحي السماء, وعنوان ذلك كله: الزكاة, والصدقة,
والإحسان, والتوسعة.
ومن باب السرور والبهجة في أيام العيد إدخال الفرح والسعادة على الأطفال
والنساء اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم, فقد دخل أبو بكرٍ رضي الله
عنه على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان
الدف, ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجي بثوبه, فانتهرهما أبو بكر,
فكشف رسول الله عن رأسه وقال: «دعهما يا أبا بكر, إن لكل قوم عيدا,
وإن عيدنا هذا اليوم» (صحيح البخاري).
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم النساء بمزيد عناية واهتمام في هذا اليوم
فأمر بخروجهن إلى صلاة العيد مهما كانت أحوالهن, فعن أم عطية رضي الله
عنها أنها قالت: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر
والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور, فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن
الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله, إحدانا لا يكون لها جلباب.
قال: لتلبسها أختها من جلبابها» (صحيح مسلم). قال الشوكاني:
«والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين
إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها,
ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر».
فصلاة العيد تعد مظهرا من مظاهر الفرحة, ترتفع الأصوات فيها بالتكبير في
بهجةٍ وسرور بما أنعم الله على الأمة الإسلامية من توفيقٍ في أداء
الفرائض, قال تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185], والتكبير هو التعظيم, والمراد
به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل على وجه العموم, وذلك في كلمة:
(الله أكبر) كناية عن وحدانيته بالإلوهية; لأن التفضيل يستلزم نقصان من
عداه, والناقص غير مستحق للإلوهية; ولذلك شرع التكبير في الصلاة
لإبطال السجود لغير الله, وشرع التكبير عند نحر الهدي في الحج وكذلك
الأضحية لإبطال ما كان يتقرب به مشركو مكة إلى أصنامهم ويندب التكبير في
عيد الأضحى من فجر يوم عرفة إلى غروب ثالث أيام التشريق, جماعة وفرادى في
البيوت والمساجد, إشعارا بوحدة الأمة, وإظهارا للعبودية, وامتثالا
وبيانا لقوله سبحانه وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا
فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ
اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُونَ} [الرُّوم:30] ويسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من ذكر وصلاة
وغير ذلك من العبادات; لحديث: «من قام ليلتي العيدين لله محتسبا لم يمت
قلبه يوم تموت القلوب» (سنن ابن ماجه), ويحصل الإحياء بمعظم الليل
كالمبيت بمنى, وقيل بساعة منه, وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه
قال: بصلاة العشاء جماعة, والعزم على صلاة الصبح جماعة, والدعاء
فيهما.
وفي الأعياد أيضا دعا الإسلام إلى العمل على زيادة الأواصر الاجتماعية,
إذ حث على بر الوالدين وصلة الأقارب ومودة الأصدقاء وزيارتهم, فتتزين
المجالس بالحب والتراحم والتواد, وتزول الأحقاد والمشاحنات والنفرة من
النفوس.
إن الأعياد لم تشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى والمضمون من الدلالات
الأخلاقية والإنسانية, وإنما جاءت لتكون مظاهر لقيم الإسلام وآدابه
وجمالياته المعنوية والحسية, فالأعياد تجدد الروابط الإنسانية, حيث
يتجلى السلوك الطيب والأخلاق الحميدة, وتشيع التهاني والقول الحسن بين
الناس, ويظهر المسلمون بصفة الرحمة التي هي قوام دينهم, فتتجدد
العلاقات الإنسانية وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية,
ويصبح المسلم دعوة مفتوحة لهذا الدين, ونبراسًا هاديًا لنفوس الحائرين,
وبردًا وسلامًا على العالمين.
إن الفرح بالعيد له وجوه عدة, فواحد يميل إلى الذكر والعبادات, وآخر
يؤثر مواساة الفقير والمحتاج بكثرة الصلات, والجميع ونحن معهم ينشرون
جوًا من المحبة والوئام في المجتمع بأطيب الكلمات, وأقلها كل عام والأمة
العربية والإسلامية بخير ويمن وبركات.
شعائره التي تنطوي على حكم عظيمة, ومعان جليلة, فالإسلام لم يأت ليكون
طوقا حول رقبة معتنقيه.
بل جاء تلبية لحاجة الإنسان الفطرية مادية وروحية, وكان مقصده الأسمى في
تشريعاته وأحكامه ضبط العلاقة بين الروح والجسد, وبين الدنيا والآخرة,
فقال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلَا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص:77].
ومن مظاهر هذا المقصد الأسنى استحباب الاحتفاء بالأعياد في الإسلام;
ومشروعية الترويح عن النفس من هموم الحياة, فضلا عن أنها احتفال بإتمام
فريضة, فالصائمون يفرحون بالعيد لأدائهم فريضة الصوم, والحجاج يفرحون
لأنهم أدوا شعيرة الحج, ويشاركهم المقيمون في أوطانهم بالتقرب إلى الله
بالأضاحي إحياء لسنة الأنبياء من لدن إبراهيم إلى خاتمهم محمد صلوات الله
عليهم أجمعين, وبذلك سما الإسلام بمعنى العيد وربط فرحته بالتوفيق في
أداء الفرائض وشكر الله على القيام بها.
والغاية العظمى من الأعياد إدخال السرور والبهجة على المسلمين رجالًا
ونساءً وأطفالا, إلا أنها في الوقت ذاته لم تشرع من أجل الفرح المجرد
فقط; بل لتمام البر في المجتمع الإسلامي, حيث يصبح البر قضية اجتماعية
عامة, لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأغنياء بإدخال السرور على الفقراء
في هذه الأيام وتجنيبهم ذل المسألة, فيحث على زكاة الفطر ويقول:
«أغنوهم في هذا اليوم» (سنن الدارقطني).
وفي يوم الأضحى جاءت شعيرة الأضحية أيضا من باب إدخال السرور على الفقراء
في الأعياد, فلم يسنها الإسلام ليشبع أصحاب الأضحية من اللحم, ولكن
ليتشارك الجميع في الشبع, ولتلتقي قوة الغني وضعف الفقير على عدالة ومحبة
ورحمة من وحي السماء, وعنوان ذلك كله: الزكاة, والصدقة,
والإحسان, والتوسعة.
ومن باب السرور والبهجة في أيام العيد إدخال الفرح والسعادة على الأطفال
والنساء اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم, فقد دخل أبو بكرٍ رضي الله
عنه على عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان
الدف, ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجي بثوبه, فانتهرهما أبو بكر,
فكشف رسول الله عن رأسه وقال: «دعهما يا أبا بكر, إن لكل قوم عيدا,
وإن عيدنا هذا اليوم» (صحيح البخاري).
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم النساء بمزيد عناية واهتمام في هذا اليوم
فأمر بخروجهن إلى صلاة العيد مهما كانت أحوالهن, فعن أم عطية رضي الله
عنها أنها قالت: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر
والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور, فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن
الخير ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله, إحدانا لا يكون لها جلباب.
قال: لتلبسها أختها من جلبابها» (صحيح مسلم). قال الشوكاني:
«والحديث وما في معناه من الأحاديث قاضية بمشروعية خروج النساء في العيدين
إلى المصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض وغيرها,
ما لم تكن معتدة أو كان خروجها فتنة أو كان لها عذر».
فصلاة العيد تعد مظهرا من مظاهر الفرحة, ترتفع الأصوات فيها بالتكبير في
بهجةٍ وسرور بما أنعم الله على الأمة الإسلامية من توفيقٍ في أداء
الفرائض, قال تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185], والتكبير هو التعظيم, والمراد
به في تكبيرات العيد تعظيم الله عز وجل على وجه العموم, وذلك في كلمة:
(الله أكبر) كناية عن وحدانيته بالإلوهية; لأن التفضيل يستلزم نقصان من
عداه, والناقص غير مستحق للإلوهية; ولذلك شرع التكبير في الصلاة
لإبطال السجود لغير الله, وشرع التكبير عند نحر الهدي في الحج وكذلك
الأضحية لإبطال ما كان يتقرب به مشركو مكة إلى أصنامهم ويندب التكبير في
عيد الأضحى من فجر يوم عرفة إلى غروب ثالث أيام التشريق, جماعة وفرادى في
البيوت والمساجد, إشعارا بوحدة الأمة, وإظهارا للعبودية, وامتثالا
وبيانا لقوله سبحانه وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا
فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ
اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُونَ} [الرُّوم:30] ويسن إحياء ليلة العيد بالعبادة من ذكر وصلاة
وغير ذلك من العبادات; لحديث: «من قام ليلتي العيدين لله محتسبا لم يمت
قلبه يوم تموت القلوب» (سنن ابن ماجه), ويحصل الإحياء بمعظم الليل
كالمبيت بمنى, وقيل بساعة منه, وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه
قال: بصلاة العشاء جماعة, والعزم على صلاة الصبح جماعة, والدعاء
فيهما.
وفي الأعياد أيضا دعا الإسلام إلى العمل على زيادة الأواصر الاجتماعية,
إذ حث على بر الوالدين وصلة الأقارب ومودة الأصدقاء وزيارتهم, فتتزين
المجالس بالحب والتراحم والتواد, وتزول الأحقاد والمشاحنات والنفرة من
النفوس.
إن الأعياد لم تشرع لتكون مناسبات فارغة المحتوى والمضمون من الدلالات
الأخلاقية والإنسانية, وإنما جاءت لتكون مظاهر لقيم الإسلام وآدابه
وجمالياته المعنوية والحسية, فالأعياد تجدد الروابط الإنسانية, حيث
يتجلى السلوك الطيب والأخلاق الحميدة, وتشيع التهاني والقول الحسن بين
الناس, ويظهر المسلمون بصفة الرحمة التي هي قوام دينهم, فتتجدد
العلاقات الإنسانية وتقوى الروابط الاجتماعية وتنمو القيم الأخلاقية,
ويصبح المسلم دعوة مفتوحة لهذا الدين, ونبراسًا هاديًا لنفوس الحائرين,
وبردًا وسلامًا على العالمين.
إن الفرح بالعيد له وجوه عدة, فواحد يميل إلى الذكر والعبادات, وآخر
يؤثر مواساة الفقير والمحتاج بكثرة الصلات, والجميع ونحن معهم ينشرون
جوًا من المحبة والوئام في المجتمع بأطيب الكلمات, وأقلها كل عام والأمة
العربية والإسلامية بخير ويمن وبركات.