ا هو السر بين صيام عاشوراء وتكفير سنة ماضية ؟
ما هى العلاقة بين التوسعة فى يوم عاشوراء وبين توسعة الله على العبد سائر السنة ؟
اعلم أخى الحبيب أن عاشوراء هو يوم من أيام الله
وقبل أن نخوض فى أسراره نذكركم بأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يصومه فى مكة وكانت قريش تعظمه .. ففى صحيح البخاري ( 2 / 578 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت " كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان وكان يوما تستر فيه الكعبة فلما فرض الله رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء أن يصومه فليصمه ومن شاء أن يتركه فليتركه ".
ثم لما هاجر النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة وجد اليهود يصومون هذا اليوم . روى الإمام البخاري ( 3 / 1244 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما يعني عاشوراء فقالوا هذا يوم عظيم وهو يوم نجى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون فصام موسى شكرا لله فقال أنا أولى بموسى منهم فصامه وأمر بصيامه .
وكون النبى صلى الله عليه وآله وسلم سألهم عنه فليس ذلك معناه أنه لا يعرف … بدليل حديث السيدة عائشة السابق ذكره وهو فى صحيح البخارى . كذلك فى حديث جبريل سأله عن الإسلام ، والإيمان ، والإحسان وليس فى ذلك دلالة على عدم علم الأمين جبريل . إذا علمت ذلك تعلم أيضا أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يريد أن يعلم مدى علم اليهود وليس مدى علمه هو صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن يشهد اليهود على أنفسهم بعظيم فضل الله عليهم .
وتعلم من ذلك أيضا أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى ليلة الإسراء عندما كان يسأل جبريل " ما هذا يا أخى يا جبريل ؟ " ليس فيه دلالة على أنه لم يكن يعلم وأنه منتظر التعلم ، كما تقول لأحد وهو يفعل شىء تراه " ماذا تفعل ؟ " ويريد النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلم مدى العلوم الخاصة بسيدنا جبريل مقارنة بالعلوم المستودعة فى كيانه صلى الله عليه وآله وسلم . وقد كان العبد الصالح سيدنا الخضر صاحب علما لدنيا فما بالنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذى قال حين سئل " متى وجبت لك النبوة " قال : " وآدم بين الروح والجسد " ( راجع المسألة فى كتاب أخطاء ابن تيمية ) .
المهم أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم هذا اليوم فى مكة ثم فى المدينة ، وكان يرغب فيه . فقد روى الإمام مسلم فى صحيحه ( 2 / 819 ) عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية قال وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية . بل قد ورد عن الربيع بنت معوذ أنها قالت " أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون الإفطار " ( رواه البخاري 2 / 692 ومسلم 2 / 798 ) .
السر فى صوم عاشوراء ومغفرة سنة ، وبين صوم عاشوراء والتوسعة فيه وبين توسعة الله على العبد ( الحديث عندنا حسن على الأقل بمجموع طرقه كما سنبينه بعد قليل ) .
نقول وبالله التوفيق
اعلم يا حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن كل أمة لها أيام فاليوم الذى نجا الله فيه سيدنا موسى هو يوم من أيام الله " وذكرهم بأيام الله " (سورة إبراهيم /الآية 5)
هذه اللحظات التى نجا الله فيه سيدنا موسى من فرعون كانت بمثابة الخروج من الضيق إلى السعة من ذل فرعون إلى عبودية رب الأرباب ، أما فعل الشيطان فكان إعادة سيدنا موسى من السعة إلى الضيق فوسوس لفرعون أن يدرك موسى فانقلب الوضع على إبليس وعلى فرعون فأصبح يوما من أيام الله
منهج إبليس فى أيام الله واضح .. قال تعالى فى سورة البقرة: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم " ( الآية 268 )
فانظر إلى بديع صنع الله .. الشيطان يعد بشيئين على الترتيب :
(1) يعدكم الفقر
(2) ويأمركم بالفحشاء
الله عز وجل علمنا الاهتمام بالأولويات وأن الآخرة هى دار القرار وأن ما عنده يبقى وما عندنا فانٍ . فكان الترتيب عكس ترتيب الشيطان الذى يذكر الناس بالدنيا ويلهيهم عن عاقبة الأمور.
(1) والله يعدكم مغفرة منه
(2) وفضلا
(3) والله واسع عليم .. وما أجمل الوسع الإلهى إما بالمغفرة أو بنفى الفقر أو تحمله أو بكل ذلك .
ولما كان يوم عاشوراء يوما من أيام الله كان صيامه منحة من الله بتكفير السنة الماضية . فما أعظم النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، وما أعظم أمته ببركته صلى الله عليه وآله وسلم . فصيام عرفة عندنا يكفر سنتين الماضية والمقبلة فهل رأيتم مثل ذلك يا أمة أحب خلق الله إليه ، والسر معروف وجود الحضرة المحمدية ..
قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخارى فى صحيحه ( 4 / 1917 ) " إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ومثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالا فقال من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود فقال من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر فعملت النصارى ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين قالوا نحن أكثر عملا وأقل عطاء قال هل ظلمتكم من حقكم قالوا لا قال فذاك فضلي أوتيه من شئت . "
فنحن يومنا بيومين بفضل الله . ليس ذلك فقط ولكن انظروا إلى " سنة ماضية ، وسنة مقبلة " فى صيام يوم عرفة ، وليس يومنا بسنتين ماضيتين .
فالمغفرة ويوم واحد بعام كامل هو الرد على الشيطان الرجيم فى " ويأمركم بالفحشاء " لضعف ابن آدم . وصوم النبى صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر أمته بصيامه ( استحبابا ) فكأنه صلى الله عليه وآله وسلم سلب من اليهود هذه الخاصية التى فيها تكفير ذنوب سنة ماضية كاملة .
أما الرد على الشيطان فى " يعدكم الفقر " فهو " من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " فهذه منحة إلهية لا تتردد فإن فضل الله عظيم ولا تنس قول الله عز وجل " والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم " . فلا تضيق الواسع ، وفى هذه الجزئية سنشرحها شرحا وافيا فى الكلام على ليلة النصف من شعبان ورزق عاشوراء منها ذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
لذلك قلنا أن حديث التوسعة وعمل السلف به موافق للأصول وهو موافق للشريعة وموافق للحقيقة ولمن أراد أن يعرف جزئية مدى صحة حديث " من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " نقول
ألف الحافظ العراقى جزءا فيه يصحح فيه هذا الحديث ويرد على ابن تيمية بردود قاسية على ادعائه وضع هذا الحديث ، ولذلك ترى أتباع ابن تيمية يتشددون فى هذا الحديث بالذات ، وهذا دأبهم فى كل من يرد عليهم . حديث " من وسع على عياله " وفى رواية " أهله " أخرجه البيهقي عن جابر وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة ومن قول محمد بن المنتشر وابن أبي الدنيا عن أبي سعيد الخدري وله طريق عن جابر أخرجها ابن عبد البر في الاستذكار وورد أيضا من حديث ابن عمر أخرجه الدارقطني في الأفراد موقوفا على عمر
المهم الحديث صححه الحافظ ابن ناصر الدين شيخ ابن الجوزى ، والحافظ العراقى ، والحافظ السيوطى . وبعدما ساق البيهقى عدة أسانيد فى شعب الإيمان ( 3 / 366 ) قال : " هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها الى بعض أخذت قوة والله اعلم " . وقد رد ابن حجر على ابن الجوزى دعواه فى وضع الحديث ، وابن الجوزى نفسه ذكر هذا الحديث فى كتاب النور فى فضائل الأيام والشهور ، وذكر عن ابن ناصر شيخه أنه قال " حديث صحيح وإسناده على شرط الصحيح " . واعترف بذلك ابن تيمية فى منهاجه ( 8 / 149 ـ 150 ) إلا أنه قال : " فالصواب ما ذكره في الموضوعات وهو آخر الأمرين منه " يعنى أن ابن الجوزى مرة صححه ومرة قال إنه موضوع ، والأخير هو آخر الأمرين فى نظر ابن تيمية والله أعلم .
وساق الحافظ العراقى أقول من استحب من أئمة الإسلام توسيع النفقة على الأهل يوم عاشوراء بعدما فند كلام ابن تيمية .
وانظر إلى قول الحافظ العراقى ـ وتهكمه على منهج ابن تيمية ـ " ولقد تعجبت من وقوع هذا الكلام من هذا الإمام الذى يقول أصحابه إنه أحاط بالسنة علما وخبرة "
وعلق السيوطى ونقل المناوى فى فيض القدير ( 6 / 236 ) من قول ابن حبيب أحد أئمة المالكية ( عبد الملك بن حبيب 238 هـ ) بعد نقل قول جابر بن عبد الله الصحابي " جربناه فوجدناه صحيحا " وقول ابن عيينة " جربناه خمسين أو ستين سنة "
لا تنس لا ينسك الرحمن عاشورا واذكره لا زلت في الأخيار مذكورا قال الرسول صلاة الله تشمله قولا وجدنا عليه الحق والنورا من بات في ليل عاشوراء ذا سعة يكن بعيشته في الحول مجبورا فارغب فديتك فيما رغبنا خير الـورى كلهـم حـيا ومقبــورا
قال الإمام السيوطى وهذا من الإمام الجليل دليل على صحة الحديث واللّه أعلم
وأخيرا وفقنا الله وإياكم فى الصيام والقيام ببركة النبى العدنان صلى الله عليه وآله وسلم
ما هى العلاقة بين التوسعة فى يوم عاشوراء وبين توسعة الله على العبد سائر السنة ؟
اعلم أخى الحبيب أن عاشوراء هو يوم من أيام الله
وقبل أن نخوض فى أسراره نذكركم بأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يصومه فى مكة وكانت قريش تعظمه .. ففى صحيح البخاري ( 2 / 578 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت " كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان وكان يوما تستر فيه الكعبة فلما فرض الله رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء أن يصومه فليصمه ومن شاء أن يتركه فليتركه ".
ثم لما هاجر النبى صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة المنورة وجد اليهود يصومون هذا اليوم . روى الإمام البخاري ( 3 / 1244 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما يعني عاشوراء فقالوا هذا يوم عظيم وهو يوم نجى الله فيه موسى وأغرق آل فرعون فصام موسى شكرا لله فقال أنا أولى بموسى منهم فصامه وأمر بصيامه .
وكون النبى صلى الله عليه وآله وسلم سألهم عنه فليس ذلك معناه أنه لا يعرف … بدليل حديث السيدة عائشة السابق ذكره وهو فى صحيح البخارى . كذلك فى حديث جبريل سأله عن الإسلام ، والإيمان ، والإحسان وليس فى ذلك دلالة على عدم علم الأمين جبريل . إذا علمت ذلك تعلم أيضا أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يريد أن يعلم مدى علم اليهود وليس مدى علمه هو صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن يشهد اليهود على أنفسهم بعظيم فضل الله عليهم .
وتعلم من ذلك أيضا أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى ليلة الإسراء عندما كان يسأل جبريل " ما هذا يا أخى يا جبريل ؟ " ليس فيه دلالة على أنه لم يكن يعلم وأنه منتظر التعلم ، كما تقول لأحد وهو يفعل شىء تراه " ماذا تفعل ؟ " ويريد النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يعلم مدى العلوم الخاصة بسيدنا جبريل مقارنة بالعلوم المستودعة فى كيانه صلى الله عليه وآله وسلم . وقد كان العبد الصالح سيدنا الخضر صاحب علما لدنيا فما بالنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذى قال حين سئل " متى وجبت لك النبوة " قال : " وآدم بين الروح والجسد " ( راجع المسألة فى كتاب أخطاء ابن تيمية ) .
المهم أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم هذا اليوم فى مكة ثم فى المدينة ، وكان يرغب فيه . فقد روى الإمام مسلم فى صحيحه ( 2 / 819 ) عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية قال وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية . بل قد ورد عن الربيع بنت معوذ أنها قالت " أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار من أصبح مفطرا فليتم بقية يومه ومن أصبح صائما فليصم قالت فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون الإفطار " ( رواه البخاري 2 / 692 ومسلم 2 / 798 ) .
السر فى صوم عاشوراء ومغفرة سنة ، وبين صوم عاشوراء والتوسعة فيه وبين توسعة الله على العبد ( الحديث عندنا حسن على الأقل بمجموع طرقه كما سنبينه بعد قليل ) .
نقول وبالله التوفيق
اعلم يا حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن كل أمة لها أيام فاليوم الذى نجا الله فيه سيدنا موسى هو يوم من أيام الله " وذكرهم بأيام الله " (سورة إبراهيم /الآية 5)
هذه اللحظات التى نجا الله فيه سيدنا موسى من فرعون كانت بمثابة الخروج من الضيق إلى السعة من ذل فرعون إلى عبودية رب الأرباب ، أما فعل الشيطان فكان إعادة سيدنا موسى من السعة إلى الضيق فوسوس لفرعون أن يدرك موسى فانقلب الوضع على إبليس وعلى فرعون فأصبح يوما من أيام الله
منهج إبليس فى أيام الله واضح .. قال تعالى فى سورة البقرة: " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم " ( الآية 268 )
فانظر إلى بديع صنع الله .. الشيطان يعد بشيئين على الترتيب :
(1) يعدكم الفقر
(2) ويأمركم بالفحشاء
الله عز وجل علمنا الاهتمام بالأولويات وأن الآخرة هى دار القرار وأن ما عنده يبقى وما عندنا فانٍ . فكان الترتيب عكس ترتيب الشيطان الذى يذكر الناس بالدنيا ويلهيهم عن عاقبة الأمور.
(1) والله يعدكم مغفرة منه
(2) وفضلا
(3) والله واسع عليم .. وما أجمل الوسع الإلهى إما بالمغفرة أو بنفى الفقر أو تحمله أو بكل ذلك .
ولما كان يوم عاشوراء يوما من أيام الله كان صيامه منحة من الله بتكفير السنة الماضية . فما أعظم النبى صلى الله عليه وآله وسلم ، وما أعظم أمته ببركته صلى الله عليه وآله وسلم . فصيام عرفة عندنا يكفر سنتين الماضية والمقبلة فهل رأيتم مثل ذلك يا أمة أحب خلق الله إليه ، والسر معروف وجود الحضرة المحمدية ..
قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه البخارى فى صحيحه ( 4 / 1917 ) " إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ومثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالا فقال من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود فقال من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر فعملت النصارى ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين قالوا نحن أكثر عملا وأقل عطاء قال هل ظلمتكم من حقكم قالوا لا قال فذاك فضلي أوتيه من شئت . "
فنحن يومنا بيومين بفضل الله . ليس ذلك فقط ولكن انظروا إلى " سنة ماضية ، وسنة مقبلة " فى صيام يوم عرفة ، وليس يومنا بسنتين ماضيتين .
فالمغفرة ويوم واحد بعام كامل هو الرد على الشيطان الرجيم فى " ويأمركم بالفحشاء " لضعف ابن آدم . وصوم النبى صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر أمته بصيامه ( استحبابا ) فكأنه صلى الله عليه وآله وسلم سلب من اليهود هذه الخاصية التى فيها تكفير ذنوب سنة ماضية كاملة .
أما الرد على الشيطان فى " يعدكم الفقر " فهو " من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " فهذه منحة إلهية لا تتردد فإن فضل الله عظيم ولا تنس قول الله عز وجل " والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم " . فلا تضيق الواسع ، وفى هذه الجزئية سنشرحها شرحا وافيا فى الكلام على ليلة النصف من شعبان ورزق عاشوراء منها ذلك لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
لذلك قلنا أن حديث التوسعة وعمل السلف به موافق للأصول وهو موافق للشريعة وموافق للحقيقة ولمن أراد أن يعرف جزئية مدى صحة حديث " من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " نقول
ألف الحافظ العراقى جزءا فيه يصحح فيه هذا الحديث ويرد على ابن تيمية بردود قاسية على ادعائه وضع هذا الحديث ، ولذلك ترى أتباع ابن تيمية يتشددون فى هذا الحديث بالذات ، وهذا دأبهم فى كل من يرد عليهم . حديث " من وسع على عياله " وفى رواية " أهله " أخرجه البيهقي عن جابر وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة ومن قول محمد بن المنتشر وابن أبي الدنيا عن أبي سعيد الخدري وله طريق عن جابر أخرجها ابن عبد البر في الاستذكار وورد أيضا من حديث ابن عمر أخرجه الدارقطني في الأفراد موقوفا على عمر
المهم الحديث صححه الحافظ ابن ناصر الدين شيخ ابن الجوزى ، والحافظ العراقى ، والحافظ السيوطى . وبعدما ساق البيهقى عدة أسانيد فى شعب الإيمان ( 3 / 366 ) قال : " هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها الى بعض أخذت قوة والله اعلم " . وقد رد ابن حجر على ابن الجوزى دعواه فى وضع الحديث ، وابن الجوزى نفسه ذكر هذا الحديث فى كتاب النور فى فضائل الأيام والشهور ، وذكر عن ابن ناصر شيخه أنه قال " حديث صحيح وإسناده على شرط الصحيح " . واعترف بذلك ابن تيمية فى منهاجه ( 8 / 149 ـ 150 ) إلا أنه قال : " فالصواب ما ذكره في الموضوعات وهو آخر الأمرين منه " يعنى أن ابن الجوزى مرة صححه ومرة قال إنه موضوع ، والأخير هو آخر الأمرين فى نظر ابن تيمية والله أعلم .
وساق الحافظ العراقى أقول من استحب من أئمة الإسلام توسيع النفقة على الأهل يوم عاشوراء بعدما فند كلام ابن تيمية .
وانظر إلى قول الحافظ العراقى ـ وتهكمه على منهج ابن تيمية ـ " ولقد تعجبت من وقوع هذا الكلام من هذا الإمام الذى يقول أصحابه إنه أحاط بالسنة علما وخبرة "
وعلق السيوطى ونقل المناوى فى فيض القدير ( 6 / 236 ) من قول ابن حبيب أحد أئمة المالكية ( عبد الملك بن حبيب 238 هـ ) بعد نقل قول جابر بن عبد الله الصحابي " جربناه فوجدناه صحيحا " وقول ابن عيينة " جربناه خمسين أو ستين سنة "
لا تنس لا ينسك الرحمن عاشورا واذكره لا زلت في الأخيار مذكورا قال الرسول صلاة الله تشمله قولا وجدنا عليه الحق والنورا من بات في ليل عاشوراء ذا سعة يكن بعيشته في الحول مجبورا فارغب فديتك فيما رغبنا خير الـورى كلهـم حـيا ومقبــورا
قال الإمام السيوطى وهذا من الإمام الجليل دليل على صحة الحديث واللّه أعلم
وأخيرا وفقنا الله وإياكم فى الصيام والقيام ببركة النبى العدنان صلى الله عليه وآله وسلم